البارحة جاءني رجل لا أعرفه يدق الباب بعد منتصف الليل و هو هلع أصفر الوجه محمر العينين..
قلت له: عسى اتى بك خيراً
فقال: لم استطع النوم، و لم استطع إلا إخبارك بهذا
فقلت خيراً إن شاء الله، قال لي: جاءني الطلب لتدريس مواد المحاسبة في هذا الامتحان JCPA في مدينة إربد الأردنية (في كلية متوسطة في مركز المدينة قرب دوار …)
فقاطعته: على رسلك، لا تذكر اسم الكلية أو أي اسم في قصتك فيحاسبنا البعض على ذلك…
فهز برأسه أن نعم و تابع: قبلت العرض لما قدمه من تجربة جديدة لي و لما رأيت من عرض سخي، فتكلفة عقد دورة الاعداد للطالب ليست بالرخيصة!! و إني ناصحك بالطبع إذا فكرت يوماً بجني الأرباح الطائلة فكر حتماً في مركز لتدريس دورات الاعداد لامتحان مزاولة المهنة في الأردن…
ثم تابع: و بدأت الحرب عندما لم أجد المراجع المعتمدة و نظرت فإذا الدوسيات (المراجع المكتوبة) من أسوأ ما قد كُتب فأسودت الدنيا في و جهي. و بدأت التحضير لها بنفسي و لم ادع مرجعاً عربياً و لا أجنبياً يعتب علي حتى قد وصلت الليل بالنهار، و قدمت من الشروحات ما اعتقد انه أكثر من مميز، و كتبت و صوّّرت و نسخت على نفقتي الخاصة على أمل…… و لا تسل عن النتيجة!! فالمستمعون على الرغم من حملهم لشهادة المحاسبة إلا أنهم بعيدون كل البعد عن المحاسبة. و لا أدري أألومهم أم ألوم جامعاتهم ذات الكتب الصفراء أم ألوم الامتحان نفسه لتعقيده؟! فمثلاً قد ذكرت قوانين الامتحان في مادة محاسبة التكاليف أن موضوع تكاليف المراحل مطلوب – فشرحت كل شئ في الموضوع بما في ذلك النقاط المتقدمة. حتى لقد حللنا بعدها أسئلة السنوات السابقة فكانت أسهل من السهل، و ليس هذا لتميّز في نفسي و لكن لأن الموضوع تمت تغطيته بتوسع و لهدف الاتقان في العمل – وقال لي الطلاب أكثر من مرة “إنك عالم، ماشاء الله” (عذراً هذا قولهم)
و تابع كلامه: ثم لم انته من مادة محاسبة التكاليف حتى جاء الخبر أنه يوجد شركة اشبه مايكون أنها محتكرة لتدريس مواد هذا الامتحان قد طالت أجنحتها إربد، و تم ايقاف الدورة في هذه الكلية و نقل الطلاب إلى مكان الشركة (أو هكذا تم إفهامي)… و قال لي الطلاب فجاءة: نعتذر أنك لا تجيد إلقاء المحاضرات!!!!
فقلت له: عجباً، أبعد انتهائك من مادة محاسبة التكاليف كاملة انتبه الطلاب إلى انك لا تجيد التدريس و إيصال المعلومة؟!!!
فقال: بل العجب أني ما عهدت من أهل إربد إلا الصدق و الكرم و لكن المحنة زادت بأني للآن لم أحصل على أتعابي في التدريس في هذه الكلية. و سمعت الوعود الطنانة من مدير الكلية التي لم تملئ جييبي بقرش واحد، و لكني لم اسمع النصح بعدم التعامل مع هذه الكلية
فقلت في نفسي: كذب الرجل و هل تستطيع كلية محترمة ألا تفعل؟!!
فتابع قائلاً: سبحان الله عانيت الأمرين من هذا الامتحان: من محتكري التدريس، و من الجهات التي تعقد الدورات، و من المسؤلين عن الامتحان بعدم وضع المراجع الملائمة
قلت له: كيف هذا؟
قال: يمكنك رؤية هذا من خلال مجموعتين من النقاط:
المجموعة الأولى:
- تدريس دورات هذا الامتحان غالباً من قبل أشخاص هم ليسوا أهلاً لهذا العلم
- هؤلاء يدرسونها ببساطة دون التوسع حتى يبقى الطلاب من المحبين لهم
- لزيادة الاحتكار و جمع الثروة يقوم البعض بتقسيم الدورات إلى قسم نظري و قسم لحل أسئلة السنوات السابقة، لكل قسم أجوره و رسومه
المجوعة الثانية:
- عدم وجود وضوح في المواد المطلوبة و ضعف المراجع
- زيادة سمعة صعوبة الامتحان بتقليل نسبة النجاح
- زيادة ثروة البعض و قلة علم بعض المشرفين – حتى قد وجدنا البعض من
علماء المهنة في الأردن أنه قد غادرهم، كما نجد أن تكلفة شراء أسئلة سنوات
سابقة من الجمعية مرتفعة
و الله الله في المصيبة الأخيرة: إذا اعددت للامتحان في مركز معين و كان للمركز معارفه في الجميعة فلربما تكون من الناجحين في الامتحان درست أم لا
فقلت له: حسبك يا رجل، لا تجعلنا نرد غير مواردنا و ندخل فيما قد يوردنا المهالك و نحن في غنى عن هذا. لازلت غير مقتنع بكلامك… فإن قالوا أن هناك محاولات لإلغاءها فحتى ذلك الحين فإما أن أموت أو تموت الرخصة ومؤيديها أو يموت معارضيها .. و حتى يتم إلغاءها أكون قد أكملت بناء الفيلا و شراء السيارة و المزرعة..
و ابتسمت مودعاً الرجل و غير مصدقاً لما قال… فهل تصدقون أنتم كلام الرجل؟!